يعد الأردن واحدًا من أكثر الوجهات جذبًا للاستثمار الأجنبي في منطقة الشرق الأوسط، رغم حجمه الصغير وقلة موارده الطبيعية. يقدم الأردن بيئة أعمال مستقرة وصديقة للاستثمار، ويعتمد على مجموعة من الحوافز الحكومية التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية. فقد اتخذت الحكومة الأردنية العديد من الإجراءات والسياسات التي تضمن تقديم مزايا ضخمة للمستثمرين الأجانب، مما يجعلها بيئة مواتية للنمو والابتكار.
في هذه المقالة، سنستعرض الحوافز والامتيازات التي تقدمها الحكومة الأردنية لجذب الاستثمار الأجنبي، من الإعفاءات الضريبية إلى الوصول إلى الأسواق الإقليمية الرئيسية.
1. الحوافز الضريبية
تعد الحوافز الضريبية من أبرز المزايا التي تقدمها الحكومة الأردنية للمستثمرين الأجانب، حيث تهدف إلى جعل بيئة الأعمال في الأردن أكثر جاذبية من الناحية المالية. تشمل الحوافز الضريبية المقدمة:
- الإعفاءات من ضريبة الشركات: يمكن للمستثمرين الأجانب الحصول على إعفاءات من ضريبة الشركات لفترة تصل إلى 10 سنوات، وفقًا للقطاع الذي يستثمرون فيه. ويشمل ذلك القطاعات الاستراتيجية مثل التصنيع، والتكنولوجيا، والطاقة المتجددة.
- الإعفاءات من الرسوم الجمركية: يمكن للمستثمرين في بعض القطاعات الحصول على إعفاءات من الرسوم الجمركية على السلع والمواد الخام المستوردة المستخدمة في الإنتاج. يساعد هذا في تقليل التكاليف التشغيلية للمشاريع الجديدة.
- الإعفاءات الضريبية في المناطق الحرة: تقدم الحكومة الأردنية عدة مناطق حرة يمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة منها، حيث يتم إعفاء الشركات من الضرائب مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات، بالإضافة إلى إعفاءات من الرسوم الجمركية. تعتبر المناطق الحرة مثالية للمستثمرين الراغبين في تصدير السلع إلى الأسواق الإقليمية والدولية.
2. قانون تشجيع الاستثمار
يعد “قانون تشجيع الاستثمار” في الأردن من أهم التشريعات التي تهدف إلى تعزيز بيئة الاستثمار، حيث يوفر هذا القانون العديد من الآليات التي تحمي وتدعم الاستثمارات الأجنبية، مثل:
- نافذة الاستثمار: يتيح هذا القانون للمستثمرين الأجانب استخدام “نافذة واحدة” للحصول على التصاريح والتراخيص اللازمة لإقامة مشاريعهم. يساعد هذا في تسريع الإجراءات وتقليل البيروقراطية.
- حماية المستثمرين: يوفر القانون ضمانات للمستثمرين الأجانب ضد المصادرة أو التأميم للأصول التي يمتلكونها. كما يضمن لهم حرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال دون عوائق.
- الضمانات الاستثمارية: تضمن الحكومة للمستثمرين الأجانب معاملة غير تمييزية، مما يعني أن المستثمرين الأجانب يتلقون نفس الفرص والشروط مثل المستثمرين المحليين في جميع المجالات الاقتصادية.
3. المناطق الاقتصادية الخاصة (SEZs)
تتمتع الأردن بشبكة من المناطق الاقتصادية الخاصة (SEZs) التي تقدم مزايا للمستثمرين الأجانب في قطاعات متعددة. تقدم هذه المناطق العديد من الامتيازات التي تساعد في جذب الاستثمار الأجنبي:
- الحوافز التنافسية: توفر المناطق الاقتصادية الخاصة إعفاءات ضريبية واسعة تشمل الإعفاء من ضريبة الدخل وضريبة المبيعات، بالإضافة إلى الإعفاء من الرسوم الجمركية. كما تتمتع الشركات التي تعمل في هذه المناطق ببنية تحتية متطورة مثل الموانئ وشبكات النقل.
- القطاعات المستهدفة: تركز كل منطقة اقتصادية خاصة على صناعة معينة، مثل تكنولوجيا المعلومات، والتصنيع، والخدمات اللوجستية، مما يوفر للمستثمرين بيئة ملائمة للقطاع الذي يرغبون في الاستثمار فيه.
- تعزيز الصادرات: تساعد المناطق الاقتصادية الخاصة الشركات على الوصول بسهولة إلى الأسواق الإقليمية والدولية. يقع العديد من هذه المناطق بالقرب من موانئ رئيسية مثل ميناء العقبة، مما يسهل تصدير المنتجات إلى الأسواق العالمية.
4. حوافز الطاقة المتجددة والاستثمار الأخضر
من القطاعات التي توليها الحكومة الأردنية اهتمامًا خاصًا هو قطاع الطاقة المتجددة، حيث تسعى البلاد لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة عن طريق استثمار مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. تقدم الحكومة العديد من الحوافز للمستثمرين في هذا القطاع، ومنها:
- الدعم والمنح: تقدم الحكومة منحًا ودعمًا لمشاريع الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتحفيز الاستثمارات في هذا المجال.
- الإعفاءات الضريبية: يمكن للمستثمرين في مشاريع الطاقة المتجددة الاستفادة من إعفاءات ضريبية، بما في ذلك الإعفاء من ضريبة الدخل، وإعفاءات من الرسوم الجمركية على المعدات.
- السندات الخضراء والتمويل: لتشجيع المشاريع البيئية، أطلقت الحكومة الأردنية السندات الخضراء التي توفر تمويلًا للمشاريع التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
5. القوى العاملة الماهرة والحوافز التعليمية
تتمتع الأردن بقوة عاملة مدربة ومؤهلة، حيث استثمرت الحكومة بشكل كبير في تحسين جودة التعليم، لا سيما في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). وتوفر الحكومة عدة حوافز للاستثمار في التعليم وتنمية القوى العاملة، بما في ذلك:
- برامج التدريب والتطوير: بالتعاون مع الشركات الدولية والمؤسسات التعليمية، تقدم الحكومة برامج تدريبية خاصة تضمن أن العمال المحليين يتمتعون بالمهارات اللازمة للعمل في الصناعات المتقدمة.
- حوافز في قطاع التعليم العالي: يمكن للمستثمرين الأجانب في قطاع التعليم العالي الاستفادة من حوافز تتعلق بإقامة مؤسسات تعليمية أو التعاون مع الجامعات المحلية، مثل الإعفاءات الضريبية.
- إتقان اللغة الإنجليزية: يساهم إتقان اللغة الإنجليزية لدى الأردنيين في تسهيل التواصل مع المستثمرين الأجانب ويجعلهم قادرين على التعامل مع احتياجات السوق العالمية.
6. الموقع الاستراتيجي والوصول إلى الأسواق الإقليمية
يمتاز الأردن بموقعه الجغرافي المتميز الذي يوفر للمستثمرين الأجانب الوصول السهل إلى الأسواق الرئيسية في الشرق الأوسط. تتمتع البلاد بروابط قوية مع العديد من الدول في المنطقة، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي والعراق وفلسطين.
- اتفاقيات التجارة الحرة (FTAs): وقعت الأردن العديد من الاتفاقيات التجارية الحرة مع دول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عربية أخرى، مما يسهل التصدير إلى هذه الأسواق مع تقليل الرسوم الجمركية.
- الوصول إلى مراكز اللوجستيات: بفضل قرب الأردن من طرق الشحن الرئيسية والمراكز اللوجستية، يمكن للشركات التي تستثمر في الأردن تصدير منتجاتها بسهولة إلى أسواق جديدة، مما يجعلها وجهة مثالية للمستثمرين.
7. فرص التمويل والشبكات الاستثمارية
توفر الحكومة الأردنية إلى جانب البنوك المحلية والمؤسسات المالية الدولية مصادر تمويل وحوافز للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك:
- التمويل منخفض التكلفة: تقدم الحكومة قروضًا بفوائد منخفضة للمستثمرين الأجانب، خاصة في قطاعات مثل التصنيع والتكنولوجيا.
- الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP): تشجع الحكومة المستثمرين الأجانب على المشاركة في الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مشاريع البنية التحتية والتنمية، مما يساعد على تقليل المخاطر وزيادة العوائد.
الخلاصة
تقدم الحكومة الأردنية مجموعة واسعة من الحوافز والامتيازات للمستثمرين الأجانب، بدءًا من الإعفاءات الضريبية إلى الدعم المالي والإعفاءات الجمركية. كما أن الموقع الاستراتيجي للأردن والقوة العاملة الماهرة تساهم في تعزيز جذب الاستثمارات. ومع استمرار جهود الحكومة لتطوير بيئة الاستثمار، يظل الأردن وجهة واعدة للمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط.
م. رامي مكي
استشاري أعمال