skip to Main Content

تتمتع الأردن بموقع استراتيجي في قلب منطقة الشرق الأوسط، مما يجعلها وجهة مثالية للتجارة والاستثمار. على مدار السنوات، وقعت الأردن العديد من اتفاقيات التجارة الحرة (FTAs) مع دول ومجموعات اقتصادية مختلفة حول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وعدد من الدول العربية. تهدف هذه الاتفاقيات إلى تقليل الرسوم الجمركية، وتسهيل التجارة، وتعزيز الاستثمار الأجنبي. ولكن كيف يمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة من هذه الاتفاقيات؟ في هذه المقالة، سنستعرض الفرص المتاحة للأجانب من خلال اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها الأردن، والقطاعات الرئيسية التي تأثرت، والخطوات العملية التي يمكن اتخاذها للاستفادة القصوى من هذه الفرص.

ما هي اتفاقيات التجارة الحرة؟

اتفاقية التجارة الحرة هي اتفاق بين دولتين أو أكثر تهدف إلى إزالة أو تقليل الحواجز التجارية مثل الرسوم الجمركية، والضرائب، والحصص الاستيرادية. من خلال هذه الاتفاقيات، يتم تعزيز التجارة بين الدول الأطراف من خلال تسهيل الإجراءات وتقليل التكاليف. وقعت الأردن العديد من اتفاقيات التجارة الحرة التي تهدف إلى فتح الأسواق الدولية أمام الصادرات الأردنية، وفي نفس الوقت توفر فوائد كبيرة للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في دخول السوق الأردني واستخدام البلاد كمنصة للوصول إلى أسواق أخرى.

أبرز اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها الأردن

وقعت الأردن العديد من اتفاقيات التجارة الحرة مع دول ومجموعات اقتصادية رئيسية:

  1. اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة (2000): هذه الاتفاقية هي الأولى من نوعها بين الولايات المتحدة ودولة عربية، حيث توفر الصادرات الأردنية إلى السوق الأمريكية إعفاءات جمركية، وتمنح المنتجات الأمريكية معاملة تفضيلية عند دخولها إلى الأردن. تشمل الاتفاقية العديد من القطاعات مثل الزراعة، والصناعة، والخدمات.
  2. اتفاقية الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي (2002): توفر هذه الاتفاقية للصادرات الأردنية وصولاً تفضيليًا إلى الأسواق الأوروبية. وتشمل الاتفاقية التجارة في السلع والخدمات والمشتريات العامة، مما يتيح للأردن التفاعل مع شبكة الإمدادات الأوروبية الواسعة.
  3. الاتفاقيات مع الدول العربية: كعضو في جامعة الدول العربية، وقعت الأردن العديد من الاتفاقيات مع الدول العربية الأخرى، مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (GAFTA)، مما يسمح للأردن بالاستفادة من التجارة بدون رسوم جمركية مع جيرانه العرب، وبالتالي تسهيل العمليات التجارية عبر المنطقة.
  4. اتفاقيات مع شبكة التنمية التابعة للآغا خان (AKDN): كما دخلت الأردن في اتفاقيات تعاون تجاري مع المنظمات الدولية مثل شبكة الآغا خان، مما يوفر فرصًا إضافية للتجارة.

تستفيد الشركات الأردنية من هذه الاتفاقيات، ولكنها توفر أيضًا فرصًا كبيرة للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في الدخول إلى السوق الأردني واستخدام البلاد كقاعدة للوصول إلى أسواق أخرى.

كيف يمكن للأجانب الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة في الأردن؟

يمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة في الأردن بعدة طرق:

1. الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية

تعد إحدى الفوائد الرئيسية لاتفاقيات التجارة الحرة أن المستثمرين الأجانب يمكنهم الوصول المباشر إلى بعض من أكبر الأسواق في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والدول العربية. من خلال إقامة وجود تجاري في الأردن، يمكن للمستثمرين الاستفادة من التسهيلات التجارية للبلاد وتصدير منتجاتهم إلى هذه الأسواق دون فرض رسوم جمركية أو بتخفيض الرسوم.

على سبيل المثال، إذا قام مستثمر أجنبي بإقامة منشأة صناعية في الأردن، فيمكنه تصدير المنتجات إلى الولايات المتحدة بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة دون دفع رسوم استيراد. وبالمثل، مع اتفاقية الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي، يمكنهم الاستفادة من وصول معفى من الرسوم أو بتخفيض الرسوم إلى السوق الأوروبية.

2. التوفير في التكاليف على الواردات والصادرات

يمكن للمستثمرين الأجانب في الأردن أيضًا الاستفادة من التكاليف المخفضة المتعلقة بالصادرات والواردات. من خلال اتفاقيات التجارة الحرة، تم إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع. هذا مفيد بشكل خاص للشركات التي تشارك في التصنيع أو التجميع، حيث يمكن استيراد المواد الخام والمكونات بتكلفة أقل.

علاوة على ذلك، يمكن للشركات التي تكون جزءًا من سلسلة الإمداد الأردنية الاستفادة من تخفيضات التكلفة في الصادرات إلى دول أخرى موقعة على الاتفاقيات. على سبيل المثال، إذا كان مستثمر أجنبي يشارك في إنتاج الإلكترونيات في الأردن، فيمكنه الاستفادة من المعاملة التفضيلية عند تصدير منتجاته إلى الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

3. فرص في قطاعات محددة

تؤثر اتفاقيات التجارة الحرة على القطاعات بشكل مختلف. إليك بعض الأمثلة:

  • الصناعة: استفاد قطاع التصنيع بشكل كبير من اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة، حيث تم إزالة الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من المنتجات. يمكن للمستثمرين الأجانب إنشاء منشآت صناعية أو مراكز تجميع في الأردن، ومن ثم تصدير منتجاتهم إلى أمريكا أو أوروبا دون عبء الرسوم الجمركية.
  • الزراعة: استفادت الزراعة أيضًا من اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة، التي سمحت للعديد من المنتجات الزراعية الأردنية بالدخول إلى السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية. يفتح ذلك الفرص أمام المصدرين الزراعيين في الأردن وكذلك المستثمرين الأجانب المهتمين بمشاريع زراعية.
  • الخدمات: تتضمن اتفاقية التجارة الحرة بين الأردن والولايات المتحدة بعض المواد المتعلقة بالخدمات مثل المالية، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات. يمكن للمستثمرين الأجانب في قطاع الخدمات إقامة عمليات في الأردن وتقديم خدماتهم إلى السوق الأمريكي مع تقليل الحواجز التنظيمية.
  • التكنولوجيا والابتكار: يمثل قطاع التكنولوجيا فرصة كبيرة للمستثمرين الأجانب، حيث تسمح اتفاقيات التجارة الحرة بتخفيض الحواجز التجارية، مما يسهل دخول الشركات الأجنبية إلى السوق الأردني واستخدامه كقاعدة لتوسيع نطاق أعمالهم في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

4. الاستثمار في المناطق الاقتصادية الخاصة

أنشأت الأردن مناطق اقتصادية خاصة في عدة مناطق، مثل العقبة، التي توفر حوافز إضافية للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية، والإعفاءات من الرسوم الجمركية، والمزايا في البنية التحتية. تعزز اتفاقيات التجارة الحرة الفوائد التي تقدمها هذه المناطق من خلال السماح بتصدير المنتجات المصنعة في هذه المناطق إلى الدول الموقعة على الاتفاقيات دون فرض رسوم.

على سبيل المثال، يمكن للمستثمر الأجنبي في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالعقبة الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، حيث يمكن تصدير المنتجات المصنعة في الأردن إلى أمريكا دون رسوم جمركية، مما يوفر تكاليف إضافية ويجعل الأردن وجهة جاذبة للاستثمار.

5. تبسيط الإجراءات التنظيمية

يمكن للمستثمرين الأجانب الاستفادة أيضًا من الإجراءات التنظيمية المبسطة المرتبطة باتفاقيات التجارة الحرة. تتضمن هذه الاتفاقيات عادةً أحكامًا تهدف إلى تبسيط الإجراءات الجمركية، وتوفير مزيد من الشفافية في اللوائح، وتقليل الوقت والتكاليف المرتبطة بالتجارة. هذا يجعل العمل في الأردن أسهل وأكثر فعالية من حيث التكلفة، وهو أمر مهم بشكل خاص للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في التوسع في المنطقة.

الخطوات العملية للمستثمرين الأجانب

يجب على المستثمرين الأجانب الذين يرغبون في الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة في الأردن اتباع الخطوات التالية:

  • إقامة وجود تجاري: للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، يجب على المستثمرين الأجانب إنشاء كيان تجاري في الأردن، سواء من خلال شركة محلية أو فرع أو مشروع مشترك مع شريك محلي.
  • دراسة الرسوم الجمركية المعمول بها: من المهم فهم السلع التي تشملها اتفاقيات التجارة الحرة والتخفيضات الجمركية المتاحة. يجب على المستثمرين العمل مع الخبراء القانونيين والتجاريين لضمان تأهل منتجاتهم للاستفادة من المزايا.
  • الامتثال للأنظمة المحلية: رغم أن اتفاقيات التجارة الحرة تزيل الحواجز التجارية، إلا أنه يجب على المستثمرين الأجانب الامتثال للقوانين واللوائح المحلية المتعلقة بالتسجيل التجاري، والضرائب، والترخيص.
  • استكشاف المناطق الاقتصادية الخاصة: يجب على المستثمرين الأجانب النظر في إقامة عمليات في المناطق الاقتصادية الخاصة في الأردن، حيث توجد حوافز إضافية قد تعزز من استثماراتهم.

الخلاصة

توفر اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها الأردن العديد من الفرص للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في التوسع في المنطقة. من خلال إقامة وجود تجاري في الأردن، يمكن للمستثمرين الاستفادة من الرسوم الجمركية المخفضة، والوصول الأسهل إلى الأسواق العالمية، والتكاليف التجارية المنخفضة. يساعد فهم كيفية الاستفادة من هذه الاتفاقيات في تمهيد الطريق للمستثمرين الأجانب لتحقيق نجاح طويل الأمد في السوق الأردني.

م. رامي مكي
استشاري أعمال

Back To Top