تعتبر تونس، بموقعها الاستراتيجي في شمال إفريقيا واقتصادها المتنامي، وجهة جذابة للمستثمرين الأجانب ورواد الأعمال. توفر البلاد العديد من الفرص في قطاعات متعددة مثل السياحة والزراعة والتكنولوجيا والصناعات التحويلية. ومع ذلك، من الأسئلة الشائعة التي يطرحها العديد من المستثمرين الأجانب هي ما إذا كان بإمكانهم تأسيس شركة في تونس، أو إذا كان من الضروري الحصول على إقامة قبل القيام بذلك. في هذه المقالة، نقدم لمحة شاملة عن الإطار القانوني للأجانب الذين يرغبون في بدء عمل تجاري في تونس.
هل يمكن للأجانب تأسيس شركة في تونس؟
الجواب القصير هو نعم، يمكن للأجانب تأسيس شركة في تونس. لقد قامت تونس بتخفيف القوانين المتعلقة بالاستثمار الأجنبي في السنوات الأخيرة، مما جعل من الأسهل على غير المقيمين بدء الأعمال التجارية. ومع ذلك، مثل أي دولة أخرى، هناك متطلبات وإجراءات قانونية يجب اتباعها لتأسيس شركة.
المتطلبات الأساسية للأجانب لتأسيس شركة في تونس
- لا حاجة للإقامة لبدء العمل
من أهم الجوانب التي يجب على الأجانب الراغبين في تأسيس شركة في تونس معرفتها هي أن الإقامة ليست شرطًا مسبقًا. يمكن للمستثمرين الأجانب امتلاك وتشغيل الأعمال التجارية في تونس بشكل كامل، مما يعد ميزة كبيرة لرجال الأعمال الدوليين الذين يرغبون في التوسع في السوق الإفريقية الشمالية. لذلك، ليس من الضروري للأجانب الحصول على تصريح إقامة أو أن يصبحوا مواطنين تونسيين لبدء عمل تجاري. - أنواع الهياكل التجارية
يمكن للمستثمرين الأجانب الاختيار من بين العديد من الهياكل التجارية عند تأسيس شركة في تونس. الأنواع الأكثر شيوعًا هي:- شركة ذات مسؤولية محدودة (SARL): تعد هذه الشركة الشكل الأكثر شيوعًا للأعمال الصغيرة والمتوسطة. تسمح هيكل الملكية المرن ويحدد مسؤولية المساهمين وفقًا لمساهماتهم فقط. يمكن للأجانب امتلاك 100% من الأسهم في SARL.
- شركة مساهمة (SA): بالنسبة للاستثمارات الأكبر أو الهياكل التجارية الأكثر تعقيدًا، يمكن للمستثمرين الأجانب اختيار SA. يتطلب هذا الهيكل الحد الأدنى من رأس المال وهو مناسب للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في جمع الأموال أو الإدراج في السوق العامة في المستقبل.
- فرع شركة: يمكن للمستثمرين الأجانب الذين يرغبون في تشغيل فرع من شركة موجودة في بلدهم الأم إنشاء فرع في تونس. ومع ذلك، فإن الفرع عادةً ما يخضع لبعض القيود على نطاق أنشطته.
- قوانين الاستثمار
قامت تونس بخطوات كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وطبقت الحكومة العديد من الحوافز لخلق بيئة مشجعة للمستثمرين الأجانب. بعض الفوائد الرئيسية تشمل:- حوافز ضريبية: يمكن للأعمال التجارية الأجنبية الاستفادة من الحوافز الضريبية، خاصة في بعض القطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والصناعة. تقدم الحكومة التونسية إعفاءات ضريبية أو تخفيضات على بعض أنواع الاستثمارات، بما في ذلك الشركات المملوكة للأجانب.
- التحكم في العملات الأجنبية: تسمح تونس للأعمال التجارية الأجنبية بتحويل الأرباح والتوزيعات ورأس المال بحرية، وهو ما يعد ميزة للمستثمرين الدوليين. تتماشى هذه السياسة مع هدف البلاد في تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
- العملية القانونية والإدارية لتأسيس الشركة
في حين أن الأجانب لا يحتاجون إلى إقامة لتأسيس شركة، إلا أنهم يجب أن يمروا بعدد من الإجراءات القانونية والإدارية. تشمل خطوات تأسيس الأعمال التجارية في تونس:- اختيار اسم الشركة: أول خطوة هي اختيار اسم فريد للشركة، والذي يجب أن يتم الموافقة عليه من قبل السجل الوطني للمؤسسات.
- صياغة النظام الأساسي للشركة: وهو وثيقة قانونية توضح إدارة الشركة وهيكل ملكيتها وعملياتها. يجب توقيع هذه الوثيقة من قبل جميع المؤسسين.
- تسجيل الشركة: يجب تسجيل الشركة في السجل التجاري والحصول على رقم التعريف الضريبي.
- فتح حساب مصرفي: يجب فتح حساب مصرفي تجاري في تونس لإيداع رأس المال المطلوب وتسهيل المعاملات التجارية.
- الحصول على التراخيص اللازمة: بناءً على طبيعة العمل، قد تكون هناك حاجة للحصول على بعض التراخيص أو التصاريح قبل بدء الأنشطة.
- توظيف العمالة
يجب على المستثمرين الأجانب الذين يخططون لتوظيف موظفين في تونس أن يكونوا على دراية بقوانين العمل في البلاد. تونس تتمتع بقوة عاملة ذات مستوى تعليمي جيد، ويمكن للشركات التي توظف محليًا الاستفادة من سوق العمل الملائم. يضمن الإطار القانوني حماية حقوق العمال، ويتعين على أصحاب الأعمال توفير مزايا الضمان الاجتماعي، والتأمين الصحي، والمزايا الأخرى.بالإضافة إلى ذلك، إذا كان المستثمر الأجنبي يخطط لتوظيف عمالة أجنبية، فقد يحتاج إلى تقديم طلب للحصول على تصاريح العمل أو تأشيرات لتلك الموظفين، على الرغم من أن تونس قد سهلت هذه العملية للمهنيين المهرة.
التحديات التي قد تواجه المستثمرين الأجانب
على الرغم من أن تونس توفر العديد من الفرص للمستثمرين الأجانب، هناك بعض التحديات التي يجب أخذها في الاعتبار:
- حاجز اللغة: اللغة الرسمية في تونس هي العربية، والفرنسية هي الأكثر استخدامًا في السياقات التجارية. على الرغم من أن الإنجليزية أصبحت تستخدم بشكل متزايد، إلا أنه قد يكون من الصعب التعامل مع الإجراءات الإدارية أو الوثائق القانونية بدون إتقان العربية أو الفرنسية.
- البيروقراطية والتأخيرات: مثل العديد من البلدان، تواجه تونس عملية بيروقراطية، وقد يواجه بعض المستثمرين الأجانب تأخيرات في الحصول على التصاريح أو التراخيص أو الموافقات. من المهم العمل مع مستشار قانوني أو تجاري محلي لضمان سير العملية بسلاسة.
- الاستقرار الاقتصادي والسياسي: على الرغم من أن تونس قد حققت تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، إلا أنه من الضروري أخذ الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد في الاعتبار عند التخطيط لاستثمار طويل الأجل. تتحسن بيئة الأعمال في تونس، ولكن يجب على المستثمرين الأجانب متابعة السياسات المحلية واللوائح.
الخلاصة
يمكن للأجانب تأسيس شركات في تونس دون الحاجة إلى الحصول على إقامة. تتضمن العملية اختيار الهيكل التجاري المناسب، وإتمام الخطوات القانونية اللازمة، وفهم الحوافز واللوائح التي تنطبق على الاستثمارات الأجنبية. إن موقع تونس الاستراتيجي، والسياسات الاستثمارية المشجعة، والحوافز المتاحة تجعلها وجهة جذابة لأولئك الذين يتطلعون إلى توسيع أعمالهم في المنطقة الإفريقية الشمالية. كما هو الحال مع أي استثمار، من المهم إجراء البحوث اللازمة وطلب الخبرة المحلية لضمان نجاح عملية التأسيس.
م. رامي مكي،
استشاري أعمال.