لطالما كانت مصر وجهة للاستثمار الأجنبي، لا سيما في القطاع العقاري، بفضل تاريخها الغني، وأسعار العقارات التنافسية، وازدياد عدد الأجانب الذين يختارون العيش أو العمل أو التقاعد في البلاد. ومع ذلك، غالبًا ما يطرح السؤال: هل يُسمح للأجانب بتملك العقارات في مصر، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي الشروط؟ ومن المهم أيضًا فهم ما إذا كان يتم تملك العقارات بنظام “Freehold” أو “Leasehold”، خاصة بالنسبة للأجانب الذين يرغبون في الاستثمار العقاري في مصر.
تملك الأجانب للعقارات في مصر
يسمح القانون المصري للأجانب بتملك العقارات في البلاد، لكن هناك قيود وشروط يجب الوفاء بها. يمكن للأجانب شراء العقارات في مصر، ولكن هناك بعض القيود على المساحة الإجمالية التي يمكن أن يمتلكها الفرد الأجنبي ونوع العقار الذي يمكن أن يشتريه.
1. العقارات السكنية للأجانب
يسمح للأجانب بشراء العقارات السكنية في مصر، ولكن هناك قيود على المساحة الإجمالية للأراضي التي يمكن أن يمتلكها الأجنبي. وفقًا للقانون المصري، يُسمح للأجانب بتملك وحدة سكنية واحدة في مصر، ولا يجوز أن تتجاوز الأرض التي تقع عليها هذه الوحدة 4,000 متر مربع. هذه القيود موجودة لمنع تملك الأجانب للعقارات الزراعية أو الأراضي الكبيرة التي قد تؤثر على الأمن القومي. ومع ذلك، تنطبق هذه القيود فقط على الأراضي والعقارات الموجودة في بعض المناطق. في معظم المدن الكبرى، مثل القاهرة والإسكندرية والمناطق الساحلية الشهيرة مثل شرم الشيخ والغردقة، يمكن للأجانب شراء العقارات ضمن الحدود التنظيمية.
2. العقارات التجارية للأجانب
يُسمح للأجانب أيضًا بشراء العقارات التجارية في مصر، بما في ذلك المكاتب التجارية والعقارات التجارية الأخرى. ومع ذلك، عادةً ما تكون هناك تنظيمات أكثر صرامة فيما يتعلق بتملك العقارات التجارية من قبل الأجانب. قد يُطلب من الأجانب الذين يرغبون في شراء عقار تجاري إثبات أنهم يديرون نشاطًا تجاريًا في مصر، وأن النشاط التجاري يتماشى مع نوع العقار الذي يتم شراؤه.
3. الأراضي الزراعية
يُمنع الأجانب من شراء الأراضي الزراعية في مصر، حيث يهدف القانون إلى الحفاظ على الأراضي الزراعية داخل البلاد. ومع ذلك، قد تُستثنى بعض الحالات، لا سيما إذا كان الأجنبي يقدم استثمارًا كبيرًا في القطاع الزراعي، لكن هذه الاستثناءات نادرة وتتطلب موافقة حكومية خاصة.
هيكل الملكية: Freehold مقابل Leasehold
عند شراء العقارات في مصر، يجب على الأجانب أيضًا التفكير في الشروط التي تتم بها ملكية العقار. تقدم مصر نوعين رئيسيين من الملكية العقارية: Freehold و Leasehold.
1. الملكية بنظام Freehold
الملكية بنظام Freehold تعني أن المشتري يمتلك العقار والأرض التي يقف عليها بشكل كامل. للمشتري حقوق قانونية كاملة في العقار، ويمكنه بيعه أو تأجيره أو نقله بدون قيود، مع الالتزام بالقوانين العقارية المصرية. بالنسبة للكثير من المشترين الأجانب، توفر الملكية بنظام Freehold أقصى درجات الأمان، وهي الخيار المفضل. في مصر، يمكن للأجانب شراء العقارات بنظام Freehold، لكن كما تم ذكره سابقًا، يجب أن تكون الأرض التي يتم تملكها لا تتجاوز 4,000 متر مربع. يمتلك المشتري العقار بشكل كامل، ولا يمكن للحكومة أن تسترده إلا إذا كانت هناك مشكلات قانونية كبيرة، مثل انتهاك قوانين تقسيم الأراضي أو عدم دفع الضرائب.
يتم تسويق العديد من المشاريع الجديدة في المدن الكبرى أو المناطق السياحية كعقارات بنظام Freehold، مما يجعلها جذابة بشكل خاص للمستثمرين الأجانب. هذه العقارات تكون عادة جزءًا من مشاريع عقارية مع مرافق حديثة وضمانات قانونية، والتي تم تصميمها لجذب المشترين الدوليين.
2. الملكية بنظام Leasehold
بالمقابل، تعني الملكية بنظام Leasehold أن المشتري الأجنبي لا يمتلك العقار بشكل كامل، بل يستأجر الأرض لفترة زمنية محددة، تتراوح عادة بين 30 إلى 99 سنة. يتيح نظام Leasehold للأجانب الاستفادة من العقار خلال فترة الإيجار، لكن لا يمنحهم حقوقًا دائمة في الأرض. في نهاية فترة الإيجار، يعود العقار إلى مالكه الأصلي (عادةً ما يكون الدولة أو جهة خاصة مصرية).
يعد نظام Leasehold شائعًا في بعض المشاريع العقارية، خاصة في المناطق السياحية والمنتجعات الواقعة على سواحل البحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط. في مثل هذه المناطق، يُمنح المستثمرون الأجانب عقود إيجار طويلة الأمد، وغالبًا ما تكون شروط هذه الإيجارات ميسرة، مع أسعار إيجار منخفضة. ومع ذلك، قد لا يوفر نظام Leasehold الأمان للمشتري الأجنبي مقارنة بنظام Freehold، حيث أن العقار سيعود إلى مالكه في نهاية فترة الإيجار.
اعتبارات مهمة للمشترين الأجانب
1. المتطلبات القانونية والمستندات
قبل شراء العقار في مصر، يجب على الأجانب الوفاء ببعض المتطلبات القانونية. تشمل هذه المتطلبات الحصول على رقم ضريبي، وإثبات الإقامة القانونية أو حالة الفيزا، وضمان أن العقار له سند ملكية واضح وغير متنازع عليه. كما يجب على المشتري الأجنبي التوقيع على عقد مع البائع وتوثيقه رسميًا في هيئة تسجيل العقارات المصرية.
يجب على المشترين الأجانب أيضًا أن يتأكدوا من التعامل مع محامٍ أو وكيل عقاري موثوق به في مصر يعرف القوانين المحلية المتعلقة بالعقارات. قد تكون العملية القانونية معقدة في مصر، ويعد الحصول على المشورة القانونية المحلية أمرًا مهمًا لتجنب المشاكل الشائعة.
2. الاعتبارات المالية
يجب على الأجانب دفع المدفوعات بالعملات الأجنبية، عادةً بالدولار الأمريكي أو اليورو. تتيح البنوك المصرية للأجانب فتح حسابات مصرفية بالعملات الأجنبية، ولكن من المهم للمشتري الأجنبي أن يفهم تقلبات سعر الصرف والرسوم المرتبطة بالتحويلات المالية من الخارج.
3. الضرائب والرسوم
يترتب على شراء العقار في مصر عدة ضرائب ورسوم، بما في ذلك رسوم التسجيل ورسوم التوثيق، وربما ضريبة على الأرباح الرأسمالية إذا تم بيع العقار لاحقًا. من المهم أن يكون المشترون الأجانب على دراية بالالتزامات الضريبية المترتبة على تملك العقارات في مصر، بما في ذلك أي ضرائب على الدخل من الإيجار، وضمان أخذ هذه التكاليف في الحسبان أثناء التخطيط للاستثمار.
4. إدارة العقار
بالنسبة للمشترين الأجانب الذين لا يعيشون في مصر بشكل دائم، يُنصح بتعيين شركة إدارة عقارية للتعامل مع الصيانة اليومية وإيجار العقار. تقدم العديد من الشركات العقارية في مصر خدمات إدارة العقارات، مما يسهل على المستثمرين الأجانب الحفاظ على عقاراتهم وتحقيق دخل من الإيجار.
الخاتمة
باختصار، يمكن للأجانب تملك العقارات في مصر، مع بعض القيود. يُسمح لهم بشراء وحدة سكنية واحدة، بشرط أن تكون الأرض التي يقع عليها العقار لا تتجاوز 4,000 متر مربع. يتم تملك العقار إما بنظام Freehold أو Leasehold. يوفر نظام Freehold ملكية كاملة للعقار والأرض، بينما يوفر نظام Leasehold استخدامًا طويل الأمد للعقار بدون حقوق دائمة في الأرض.
يعد فهم المتطلبات القانونية والمالية أمرًا بالغ الأهمية للمستثمرين الأجانب. من خلال ضمان الامتثال للقوانين المحلية، والعمل مع الخبراء المحليين، يمكن للأجانب الاستثمار بأمان في سوق العقارات المصري المتنامي.
م. رامي مكي،
استشاري أعمال