أصبحت السوق العقارية في الأردن محط اهتمام عالمي في السنوات الأخيرة، بفضل موقع الأردن الاستراتيجي واستقراره الاقتصادي وتاريخه العريق. وغالباً ما يتساءل المستثمرون الأجانب عما إذا كان بإمكان غير الأردنيين تملك العقارات في الأردن. الإجابة هي نعم، ولكن بشروط وأنواع ملكية معينة. تستعرض هذه المقالة القوانين الخاصة بملكية العقارات للأجانب في الأردن، وأنواع الملكية المتاحة، وما يجب أن يعرفه المستثمرون الدوليون قبل شراء عقار في المملكة.
نظرة عامة على قوانين تملك العقارات للأجانب في الأردن
تسمح الحكومة الأردنية للأفراد والشركات الأجنبية بشراء العقارات في البلاد، ولكن تتضمن الأطر القانونية بعض القيود بهدف حماية المصلحة الوطنية. تشرف وزارة الداخلية الأردنية وبلدية عمان الكبرى بشكل رئيسي على هذه القوانين.
تختلف القوانين المتعلقة بتملك الأجانب للعقارات وفقًا لنوع العقار، وموقعه، وجنسية مقدم الطلب. تتطلب العملية بشكل عام الحصول على موافقة من وزارة الداخلية والبلدية التي يقع فيها العقار. ورغم أن هذه العملية قد تستغرق بعض الوقت، إلا أنها منظمة لضمان استثمارات آمنة للأجانب.
أنواع الملكية العقارية المتاحة للأجانب في الأردن
يمكن للمستثمرين الأجانب في الأردن تملك أنواع مختلفة من العقارات، بما في ذلك العقارات السكنية والتجارية. ومع ذلك، يختلف كل نوع من العقارات من حيث القوانين والشروط التي يجب على المشترين الأجانب الالتزام بها.
1. الملكية الكاملة للعقارات السكنية
يمكن لغير الأردنيين تملك العقارات السكنية في الأردن بنفس حقوق المواطنين الأردنيين. يشمل ذلك الشقق، والمنازل، والأراضي السكنية. لكن هناك بعض المتطلبات الرئيسية للأجانب الذين يرغبون في شراء عقارات سكنية:
- الحصول على موافقة وزارة الداخلية: يجب على المشترين الأجانب الحصول على موافقة من وزارة الداخلية لتملك عقار سكني في الأردن، لضمان الامتثال للقوانين المحلية والاعتبارات الأمنية الوطنية.
- مدة الملكية: بشكل عام، يتمتع المالك الأجنبي بحقوق الملكية طالما أنه يلتزم بالقوانين الأردنية. ولا توجد قيود صارمة على مدة التملك، لكن قد يُطلب سحب الملكية إذا لم يتم تطوير العقار خلال خمس سنوات.
- القيود المتعلقة بالموقع: رغم أنه يمكن للمستثمرين الأجانب تملك العقارات في معظم المناطق، قد تفرض بعض القيود على المناطق القريبة من الحدود لأسباب أمنية.
2. عقود الإيجار طويلة الأمد
يعد خيار الإيجار طويل الأمد خيارًا شائعًا آخر للمستثمرين الأجانب، حيث يمكنهم توقيع عقود إيجار لفترات طويلة تتراوح بين 25 إلى 99 سنة. يمنح هذا الخيار العديد من مزايا الملكية دون الحاجة إلى استيفاء المتطلبات التنظيمية. يمكن للأجانب استغلال العقار وتطويره وتأجيره من الباطن إذا سمحت شروط العقد بذلك.
يُعد هذا الخيار شائعًا للعقارات التجارية والمشروعات الكبرى التي ترغب الشركات الأجنبية في تشغيلها دون الحاجة إلى ملكية دائمة. عادةً ما يكون الإيجار أقل تعقيدًا ويحتاج إلى إشراف حكومي أقل من الشراء المباشر، مما يجعله خيارًا جذابًا للعديد من الشركات الدولية.
3. ملكية العقارات التجارية للاستخدام التجاري
يمكن للأجانب تملك العقارات التجارية في الأردن، مثل المساحات المكتبية، والمتاجر، والمرافق الصناعية. يشبه إجراء الحصول على العقارات التجارية الإجراءات الخاصة بملكية العقارات السكنية، حيث يتطلب موافقة من وزارة الداخلية، مع مراعاة اللوائح المتعلقة بالتقسيم العمراني وفقًا لاستخدام العقار.
تعد ملكية العقارات التجارية خيارًا جاذبًا للشركات الأجنبية التي ترغب في تأسيس وجود طويل الأمد في الأردن. وتماشياً مع سياسة الحكومة في دعم الاستثمار الأجنبي، توجد حوافز وتشجيعات للشركات الأجنبية للاستثمار في العقارات التجارية التي تساهم في النمو الاقتصادي.
4. ملكية الأراضي الزراعية والمناطق الريفية
تعد ملكية الأراضي الزراعية والمناطق الريفية أكثر تقييداً بالنسبة للأجانب، حيث تفرض الحكومة قيوداً على تملك الأراضي الزراعية الكبيرة لأسباب تتعلق بالأمن القومي. ومع ذلك، يمكن للأجانب شراء قطع صغيرة أو الحصول على عقود إيجار طويلة الأمد لاستخدامها لأغراض زراعية، بشرط الحصول على موافقات من السلطات المختصة.
في أغلب الحالات، إذا رغب المستثمر الأجنبي في تملك أراضٍ زراعية بغرض الزراعة، يجب أن يشارك مع كيان محلي لتلبية شروط الملكية، مما يضمن استغلال الأراضي الزراعية بشكل مسؤول ويتماشى مع أهداف الأردن في تعزيز الأمن الغذائي.
المتطلبات الرئيسية وإجراءات الموافقة لتملك العقارات للأجانب
تتضمن عملية شراء العقارات في الأردن كأجنبي عدة خطوات، ومن المهم أن يكون المشترون على دراية بالمتطلبات المحددة لتجنب التأخير:
- الموافقة من الجهات المختصة: يجب على المشترين الأجانب تقديم طلب للحصول على موافقة من وزارة الداخلية. يتضمن الطلب تفاصيل تتعلق بجنسية المشتري، والخلفية المالية، والغرض من العقار. قد تستغرق الموافقة بضعة أشهر، ولكنها إجراء قياسي لضمان الامتثال القانوني.
- تسجيل العقار وتوثيق الملكية: بعد الحصول على الموافقة، يجب على المشترين الأجانب تسجيل العقار لدى دائرة الأراضي والمساحة، مما يثبت حقوق الملكية القانونية للمشتري. عادة ما تكون هذه العملية بسيطة، ولكن يُنصح باستشارة محامٍ محلي خبير بالقانون العقاري الأردني.
- الامتثال لقوانين تقسيم المناطق: اعتمادًا على نوع العقار وموقعه، قد يتعين على المستثمرين الأجانب الالتزام بالقوانين المتعلقة بالتقسيم العمراني. على سبيل المثال، قد تتطلب بعض العقارات التجارية تصاريح إضافية للتطوير أو لتشغيل الأعمال.
- الضرائب والرسوم: يُلزم مالكو العقارات الأجانب في الأردن بدفع الضرائب والرسوم المماثلة لتلك التي يدفعها المواطنون الأردنيون. تختلف نسب الضرائب حسب نوع العقار وموقعه، ويجب على المشترين الأجانب الاستعداد لتكاليف هذه الضرائب عند الاستثمار.
مزايا تملك العقارات للأجانب في الأردن
يوفر تملك العقارات في الأردن العديد من المزايا للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك الفرصة للاستفادة من سوق العقارات المتنامي. تشمل بعض الفوائد ما يلي:
- موقع استراتيجي: يتمتع الأردن بموقع محوري في الشرق الأوسط، مما يجعله وجهة جاذبة للشركات والمستثمرين الدوليين.
- مناخ استثماري مستقر: يتميز الأردن ببيئة سياسية واقتصادية مستقرة مقارنة بالدول الأخرى في المنطقة، مما يجعله خياراً آمناً للاستثمار طويل الأمد.
- سوق عقاري متنامي: أظهر قطاع العقارات في الأردن نمواً ثابتاً على مر السنوات، مع زيادة الطلب على العقارات السكنية والتجارية، مما يوفر فرصة استثمارية مربحة للمستثمرين الأجانب.
- خيارات تملك متنوعة: مع الخيارات المتاحة للتملك الكامل، والإيجار طويل الأمد، وملكية العقارات التجارية، تتوفر خيارات عديدة للمستثمرين الأجانب وفقاً لاحتياجاتهم وأهدافهم الاستثمارية.
الخاتمة
باختصار، يمكن للأجانب تملك العقارات في الأردن بعدة أشكال من الملكية، بما في ذلك الملكية الكاملة للعقارات السكنية والتجارية، والإيجار طويل الأمد، وملكية الأراضي الزراعية بشكل محدود. ورغم أن عملية الموافقة على تملك العقارات قد تتطلب بعض الوقت والوثائق، فإن فوائد الاستثمار في سوق العقارات الأردني قد تجعل هذه التجربة مجزية.
بالنسبة للمستثمرين الأجانب الباحثين عن بيئة مستقرة، وموقع استراتيجي، ونمو اقتصادي آمن، توفر الأردن فرصاً واعدة في مجال التملك العقاري. وكما هو الحال مع أي استثمار عقاري، يعد التخطيط الدقيق وفهم القوانين المحلية أمراً ضرورياً لضمان إتمام صفقة ناجحة.
م. رامي مكي،
استشاري أعمال