skip to Main Content

تُعد مصر واحدة من الوجهات الأكثر جذبًا للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA). بفضل موقعها الاستراتيجي، وسوقها الاستهلاكي الكبير، وبنيتها التحتية المتنامية، توفر العديد من الفرص للمستثمرين الأجانب، خاصة في قطاعات مثل العقارات، والسياحة، والطاقة، والصناعات التحويلية. على مر السنين، اتخذت الحكومة المصرية سلسلة من الخطوات لتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) وخلق بيئة أكثر تسهيلًا للأعمال. في هذه المقالة، سنستعرض المبادرات والحوافز الحكومية الرئيسية المصممة لدعم المستثمرين الأجانب في قطاع العقارات والقطاعات الأخرى في مصر.

دور الحكومة في جذب الاستثمارات الأجنبية

أدركت الحكومة المصرية أهمية الاستثمارات الأجنبية في دفع النمو الاقتصادي وخلق الوظائف. كجزء من جدول أعمال الإصلاح الاقتصادي، قدمت الحكومة مجموعة من السياسات التي تهدف إلى تحسين بيئة الاستثمار. تهدف هذه المبادرات إلى جعل مصر وجهة أكثر جذبًا للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك أولئك الذين يتطلعون للاستثمار في العقارات والقطاعات الأخرى.

أحد الأهداف الرئيسية لهذه المبادرات هو تبسيط الإجراءات الإدارية، وتقليل الحواجز البيروقراطية، وتوفير الحوافز المالية للمستثمرين الأجانب. كما قدمت الحكومة تدابير لتسهيل تسجيل الشركات، وتخفيف اللوائح الضريبية، وضمان قدرة المستثمرين الأجانب على تحويل أرباحهم بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حوافز وأنظمة دعم مخصصة لقطاعات مختلفة، بما في ذلك قطاع العقارات.

المبادرات الحكومية الرئيسية لدعم المستثمرين الأجانب في مصر

  1. قانون الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (GAFI)

يُعد قانون الاستثمار المصري، الذي تم تعديله في عام 2017، أداة رئيسية تنظم الاستثمارات الأجنبية في مصر. يهدف هذا القانون إلى خلق بيئة استثمارية أكثر شفافية وكفاءة وجاذبية. من بين أهم أحكام القانون هو إنشاء “نافذة واحدة” من خلال الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة (GAFI). تقوم GAFI بتسهيل عملية إنشاء الشركات في مصر، وتقديم مجموعة من الخدمات للمستثمرين الأجانب، مثل تسجيل الشركات، والتراخيص، والتصاريح.

يشمل القانون أيضًا أحكامًا لتقديم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية، وإعفاءات الرسوم الجمركية، ومزايا مالية أخرى للمستثمرين. تم تصميم هذه الحوافز لجذب رأس المال الأجنبي إلى القطاعات ذات الأولوية مثل السياحة، والصناعة، والعقارات.

  1. الحوافز الاستثمارية في قطاع العقارات

يعد قطاع العقارات في مصر أحد القطاعات الرئيسية المستهدفة للاستثمار الأجنبي. مع استمرار ارتفاع معدل التوسع الحضري في البلاد، هناك طلب كبير على العقارات السكنية، والتجارية، والصناعية. لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، وضعت الحكومة المصرية عدة حوافز:

  • توفر الأراضي ودعم مشروعات العقارات: قدمت الحكومة الأراضي لتطوير مشروعات العقارات، وخاصة في المناطق الناشئة مثل القاهرة الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، ومنطقة قناة السويس الاقتصادية. يتم الترويج لهذه المناطق كمراكز استثمارية رئيسية لمطوري العقارات. كما تقدم الحكومة مجموعة من الحوافز لمطوري العقارات، بما في ذلك تقليص رسوم الحصول على الأراضي وإعفاءات ضريبية على الأرباح الناتجة من بيع العقارات أو تأجيرها.
  • الإعفاءات الضريبية وتقليل الرسوم: يمكن للمستثمرين الأجانب في مشروعات تطوير العقارات الاستفادة من إعفاءات ضريبية، مثل إعفاءات من ضرائب الممتلكات لفترة معينة بعد إتمام المشروع. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الحكومة تخفيضات في رسوم الخدمات المتعلقة بتسجيل الأراضي، مما يساعد على تقليل التكلفة الإجمالية لتطوير العقار.
  • الشراكة مع القطاع الخاص: تشجع الحكومة على الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) في تطوير العقارات. من خلال هذه الشراكات، يمكن للمستثمرين الأجانب التعاون مع الحكومة لتطوير مشروعات حضرية ضخمة تلبي الطلب المتزايد على الإسكان، والبنية التحتية، والمساحات التجارية. يتم تشجيع هذه الشراكات من خلال خيارات تمويل ميسرة وضمانات من الحكومة.
  1. المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة (SEZs)

توفر مصر مجموعة من المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة لجذب الاستثمارات الأجنبية. تم تصميم هذه المناطق لتوفير مزايا خاصة للمستثمرين الأجانب، بما في ذلك الحوافز الضريبية، والإعفاءات الجمركية، والإجراءات الإدارية المبسطة. في هذه المناطق، يتمتع المستثمرون بمجموعة من المزايا، مثل:

  • الملكية الكاملة: يُسمح للمستثمرين الأجانب بامتلاك 100% من الشركة، دون الحاجة إلى شريك محلي، في بعض المناطق.
  • إعفاءات ضريبية: يمكن للشركات الأجنبية الاستفادة من الإعفاءات الضريبية لمدة تصل إلى 10 سنوات في بعض هذه المناطق، وفقًا لطبيعة الاستثمار.
  • إعفاءات من الرسوم الجمركية: يتم إعفاء المستثمرين العاملين في المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة من الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، بما في ذلك الآلات والمواد الخام المستخدمة في عملية الإنتاج.

تُعد هذه المناطق جذابة بشكل خاص للمستثمرين الأجانب في قطاعات مثل التصنيع، واللوجستيات، والتكنولوجيا، لكنها توفر أيضًا فرصًا في تطوير العقارات والمشروعات البنية التحتية.

  1. العاصمة الإدارية الجديدة والمشروعات الوطنية

في السنوات الأخيرة، ركزت الحكومة المصرية على تطوير مناطق حضرية جديدة، بما في ذلك العاصمة الإدارية الجديدة، وهو مشروع ضخم يهدف إلى تخفيف الضغط عن القاهرة. تم تشجيع المستثمرين الأجانب على المشاركة في هذا المشروع، الذي يتضمن تطويرات سكنية وتجارية ومختلطة الاستخدام. يمكن للمستثمرين في العاصمة الإدارية الجديدة الاستفادة من العديد من الحوافز مثل منح الأراضي، والإعفاءات الضريبية، والدعم في البنية التحتية.

يُعتبر هذا المشروع محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي والتنمية الحضرية، مما يوفر للمستثمرين الأجانب فرصًا كبيرة في مجالات البناء، وتطوير العقارات، والمشروعات البنية التحتية. تركز الحكومة على تحديث المناطق الحضرية وبناء مدن مستدامة، مما خلق بيئة حيوية للمستثمرين الأجانب في قطاع العقارات.

دعم إضافي للمستثمرين الأجانب في القطاعات الأخرى

في حين أن قطاع العقارات قد حصل على اهتمام كبير، فإن الحكومة المصرية قد أنشأت أيضًا بيئة داعمة للاستثمار الأجنبي في القطاعات الأخرى. تشمل المبادرات الرئيسية:

  • الصناعات والتصنيع: يمكن للمستثمرين الأجانب في قطاع التصنيع الاستفادة من الحوافز مثل الإعفاءات الجمركية على المواد الخام، والآلات، والمعدات. كما قامت الحكومة بتقليص معدلات ضريبة الشركات في بعض القطاعات، وتقدم برامج تدريب وتنمية للقوى العاملة لدعم الاستثمارات الجديدة.
  • السياحة والضيافة: تحرص الحكومة على جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع السياحة، حيث تقدم إعفاءات ضريبية للفنادق والمنتجعات في بعض المناطق. كما يتم تشجيع الاستثمارات في البنية التحتية للسياحة مثل المطارات والمرافق الترفيهية.
  • التكنولوجيا والابتكار: استثمرت مصر في بنيتها التحتية التكنولوجية لجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا. تتمتع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا والابتكار بالوصول إلى فرص تمويل، وبرامج حاضنات، وحوافز ضريبية.

الخلاصة

لقد نفذت الحكومة المصرية العديد من المبادرات والحوافز لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الرئيسية مثل العقارات، والصناعة، والسياحة، والتكنولوجيا. من خلال تدابير مثل الإعفاءات الضريبية، وتقليل الرسوم، ودعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص، تهدف مصر إلى خلق بيئة استثمارية مواتية. من المقرر أن يستفيد قطاع العقارات بشكل كبير من السياسات الحكومية التي تركز على التنمية الحضرية وإنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة. ومع توفر مجموعة من الحوافز، سيجد المستثمرون الأجانب فرصًا عديدة لدخول الأسواق المصرية والنمو فيها.

 

م. رامي مكي،
استشاري أعمال

Back To Top